--------------------------------------------------------------------------------
يبدو التناقض كما لو أنه سجية في الإنسان ما دامت المصالح الذاتية تحكمه أكثر من أي شئ آخر. فالذات لا ترغب بتاتا في أن تظهر أمام الذوات الأخرى بمظهر القزم ،لذا فهي تلجأ إلى أساليب متنوعة تظهر بموجبها بمظهر الذات المتفوقة دائما وفي جميع الحالات.فمثلا الشاعر المبتدئ يعمد إلى انتقاد الشاعر المجيد لكي يبدو أنه صنو أو ند له أمام القراء،وقد يبرر عدم نشر قصيدة له في جريدة أو في مجلة بأن القيمين عليها يتخذون منه موقفا ليس له علاقة بالشعر والأدب ،وهكذا يجري الأمرفي جميع الميادين الأخرى باستثناء من أتاه الله فضيلة الإعتراف بإنجازات الآخرين وبفضلهم.
فالتناقض والتبرير إذا هما سمتان من سمات السلوك الإنساني تتجذران فيه عميقا ،ويمارسهما الفرد في حياته اليومية رغم صفتهما القدحية ،هذا خلق الله ،ولله في خلقه شؤون.
أما آخرون فيعتبرون التناقض هو نوع من الكذب،
لكن الأمر لا يبدو لي كذالك ، فأنا لا أعتبر التناقض نوعا من الكذب بقدر ما أعتبره دفاعا عن الذات أمام الذوات الأخرى ،وأقصد هنا التناقض المتعمد ،أما التناقض الحاصل عن جهل أو غفلة فلا أقصده هنا.